خليجيون| هل تتحمل دول الخليج فاتورة إعمار غزة؟

خليجيون| هل تتحمل دول الخليج فاتورة إعمار غزة؟
آثار القصف الإسرائيلي على غزة (وفا)
القاهرة: نصر عبد المنعم

فتحت المبادرة القطرية الأخيرة لإنهاء الصراع في قطاع غزة باب تساؤلات أوسع عن ملامح الوضع النهائي وإعمار غزة، وسط تلميحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن باستعداد دول خليجية لتحمل فاتورة إعمار القطاع الذي دمره العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر الماضي.

وترجح تقديرات دولية وصول تكلفة إعادة الإعمار إلى مليارات الدولارات، وأن تتجاوز بكثير سابقاتها التي أعقبت جميع جولات التصعيد الماضية، في ظل ظروف مختلفة تماماً وأكثر تعقيداً.

هل حصل بلينكن على وعود خليجية بالأعمار؟

بلينكن سبق وصرح يوم الثلاثاء أن «عديد من دول الشرق الأوسط (لم يسمها) مستعدة للاستثمار في مستقبل غزة، لكنهم سيفعلون ذلك فقط في ظل وجود مسار واضح لإقامة دولة فلسطينية»، بالتزامن زعمت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ مسؤولين سياسيين بأن السعودية والإمارات على استعداد لتحمل فاتورة إعادة الإعمار، لكن لم يصدر أي تعليق من الرياض وأبو ظبي على تصريح نتنياهو.

ويرجح الباحث السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية د.عمرو الشوبكي أن «تتحمل دول الخليج النصيب الأكبر في فاتورة إعمار قطاع غزة نظرا للقوة المالية الخليجية وفي إطار قوة العلاقات الأميركية مع دول الخليج».

قد تنتهي الحرب في غزة مطلع الشهر المقبل وتبدأ معها جهود إعادة الإعمار في حال قبل الطرفان بجهود الوساطة والمبادرات، وفق حديث الشوبكي لـ «خليجيون»، لافتا إلى المبادرة القطرية الأخيرة التي اقترحتها قطر مساء الأربعاء وتقضي بخروج قادة حماس مقابل خروج جيش الاحتلال.

جنود إسرائيليون في غزة (الإنترنت)
جنود إسرائيليون في غزة (الإنترنت)

الأوربيون على خط الإعمار

في السياق، جرى تقديم اقتراح بأن يقوم الأوروبيون بدفع الفاتورة أو جزء منها، لاسيما وأن الاتحاد الأوروبي وعلى وجه الخصوص ألمانيا من أكبر الجهات المانحة للمساعدات الإنسانية المقدمة للفلسطينيين، وفق تقارير غربية.

وهو ما يتفق معه المحلل السياسي عمرو الشوبكي، مؤكدا أن «أوروبا ستأتي في المرتبة الثانية بعد الخليج في تحمل نفقات إعادة إعمار القطاع الفلسطيني، بسبب شعور الأوربيين بالضعف السياسي والمساهمة في إعادة الإعمار تعويض عن ضعف دور الاتحاد الأوربي السياسي مقابل الدور الأوروبي»، مستبعدا «مشاركة قوية من الجانب الأميركي الذي يدفع فقط للضفة الغربية».

في المقابل، طرحت تساؤلات في كواليس دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة وأوروبا حيال السبب في دفع الملايين من أموال دافعي الضرائب مرة أخرى لإعادة إعمار قطاع غزة، فيما من المرجح أن يتعرض للقصف مرة أخرى في المستقبل القريب.

أمير قطر وبلينكن في الدوحة الأسبوع الماضي. (قنا)
أمير قطر وبلينكن في الدوحة الأسبوع الماضي. (قنا)

هل ستدفع إسرائيل؟

في السياق ذاته، برزت دعوات تطالب دولة الاحتلال بدفع ثمن الأضرار التي تسببت بها على ضوء أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمات دولية أخرى تعتبر إسرائيل «قوة احتلال»، لذا يجب عليها تحمل مسؤولية إعادة البناء.

بينما يتوقع الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادي فاتورة عالية لإعادة إعمار قطاع غزة، قائلا «لا أستطيع وأي خبير اقتصادي أن يقدر حجم التكلفة دون الوقوف على الأرض»، مؤكدا أن «القطاع يحتاج إلى إعادة ترفيق وبناء شبكات البنية التحتية والمرافق والخدمات فضلا عن تكلفة إزالة أثار الدمار والقصف».

وكانت إسرائيل قد وافقت عام 2010 على دفع تعويضات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بقيمة 10.5 مليون دولار مقابل المباني التي دُمرت خلال موجة سابقة من الصراع في غزة قبل ذلك بعام.

فلسطيني وسط ركام المباني في غزة. (أ ف ب)

فاتورة ضخمة لإعادة الإعمار

ويرى جاب الله في اتصال لـ«خليجيون» أن القطاع سيحتاج لجهود كبيرة وتمويل ضخم، وقدره تقرير لقناة «القاهرة الإخبارية» بـ41 مليار دولار بشكل مبدئي.

وأثارت قضية التعويضات في حينه الجدل في إسرائيل إذ تساءل البعض عما إذا كانت التعويضات تحمل في طياتها اعترافا إسرائيليا ضمنيا بالمسؤولية، فيما طالبت منظمات حقوقية إسرائيل بدفع المزيد للضحايا، لكن يبدو أن ذلك مثل حالة نادرة وافقت فيها إسرائيل على دفع تعويضات.، وفق «فرانس برس».

السعودية تشترط التعمير مقابل الدولتين.

في المقابل يرى المحلل السياسي جمال عبد العزيز التميمي أن الدول العربية وتحديدا السعودية لن تدفع في جهود إعادة الإعمار دون وضوح رؤية شاملة للتسوية تشمل حل الدوليتن.

وقال التميمي في حسابه على «إكس» إن وزير الخارجية بلينكن قال للقادة الإسرائيليين يوم الثلاثاء إن «السعودية لن ترضى بأي اتفاق إذا لم تلتزم الحكومة الإسرائيلية بمبدأ حل الدولتين، وأوضح أيضا للإسرائيليين أن السعوديين والدول العربية الأخرى لن تشارك في إعادة الإعمار دون طريق إلى دولة فلسطينية مستقبلية».

وأضاف في منشوره «وإذا انضم نتنياهو، فمن المحتمل أن يحصل على اتفاق سلام تاريخي باسمه، ولكن إذا لم يفعل، فسوف يترك بمفرده ليتولى مشاكل غزة، وأن إدارة بايدن أوضحت لنتنياهو أنه على عكس ما يعتقده، فإن الدول العربية لن تساعده في إعادة بناء غزة دون خلق الأفق السياسي للفلسطينيين، وتحقيق إنجازات ملموسة للفلسطينيين اصبحت أكثر أهمية الآن مما كانت عليه قبل ٧ أكتوبر».

حماس عقبة في طريق التمويل

ومثلت حماس، التي تدير قطاع غزة منذ 2007، مشكلة للجهات المانحة وسط تساؤلات حيال كيفية إيصال المساعدات والأموال التي يحتاجها سكان القطاع دون التورط في تمويل أنشطة حماس العسكرية. ويُضاف إلى ذلك تدهور الاقتصاد في غزة في ظل حصار ممتد منذ أكثر من 16 عاما واتهام حماس بإهمال القطاع ما دفع الأمم المتحدة إلى القول بأن نحو 80 بالمائة من سكان غزة اعتمدوا العام الماضي على المساعدات.

وتقدم منظمة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا» القسم الأكبر من المساعدات بما في ذلك خدمات الرعاية الاجتماعية والمدارس والعيادات الصحية إذ تعد ثاني أكبر جهة توظيف في غزة، لكنها تعرضت أيضا لانتقادات إذ صدرت تصريحات من مسؤولين كبار في الحكومة الإسرائيلية تفيد بالرغبة في التخلص من الأونروا.

اقرأ أيضا:

مواقف دول «التعاون» من ضرب اليمن: دولة خليجية «تؤيد».. والكويت طالبت بـ«خفض التصعيد»

بعد أيام من إعلان «القاعدة الإثيوبية».. وزير الخارجية المصري يلتقي بنظيره الإريتري

أهم الأخبار